أبو قصي عضو برونزي
عدد الرسائل : 561 العمر : 30 الموقع : https://ktab.ahlamontada.com العمل/الترفيه : طالب المزاج : رايق أعلام الدولة : المهنة : الهواية : الأوسمة : التقييم : 0 نقاط : 884565 تاريخ التسجيل : 01/10/2008
| موضوع: الإيـمـان -7- موقف الكافرين من أدلة الإيمان الأحد نوفمبر 23, 2008 6:00 am | |
| الإيـمـان
- 7-
الاستاذ: عبد المجيد الزنداني
موقف الكافرين من أدلة الإيمان
إن أدلة الإيمان بالله كثيرة ، وعددها كعدد مخلوقاته ، لأن كل مخلوق يدل على صفات خالقه ، لكن الكافرين لم ينتفعوا بهذه الأدلة ، لأن قلوبهم مريضة ، ليست صالحة لاستقبال الهدى ، كما هو حال القلوب المؤمنة ـ كما بينا سابقاً ـ فترى الكافر: معرضاً عن آيات الله ، ويجادل بالباطل ، قال تعالى : ﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴾ ((7)) (الحج: 8). وتراه يكابر في آيات الله ، قال تعالى : ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ (النمل: 14) وتراه يلبس الحق بالباطل ، قال تعالى : ﴿ وَلَا تَلْبِسُوا((8)) الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة:42) . وتراهم يصدون عن سبيل الله ، قال تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ (النساء : 167) .
ـ التقليد في الكفر : ومن أهم سمات الكافرين : أنهم وهم يرفضون الإيمان بأدلته الساطعة ـ يستبدلون به الكفر بدون دليل ، اللهم إلا التقليد الأعمى ، قال تعالى : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ (المائدة: 104).
ـ افتراء الشبهات : ومن أساليب الكافرين لصد المؤمنين : افتراء الشبهات ، التي قد تؤثر في من يجهل عقيدته ، ولم يتحصن ضد شبهات الملحدين . ومنها : أن الملاحدة اليوم يرددون ما قاله بنو إسرائيل لموسى ، كما حكاه القرآن : ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ ((9)) (البقرة: 55) مع أنهم يؤمنون بوجود العقول المفكرة وبوجود الهواء وبالجاذبية الأرضية التي تجذب كل شيء إلى الأرض ، وبأمواج الإذاعة تأتيهم من أماكن بعيدة، وهم ما شاهدوا شيئاً من ذلك لكنهم رأوا آثار العقول قد ظهرت على سلوك العقلاء ، وأثار الهواء ظهرت بتحريك أغصان الأشجار وغيرها ، وآثار الجاذبية ظهرت بجذب الأشياء إلى الأرض ، وآثار الأمواج ظهرت أصواتاً في جهاز المذياع (الراديو) فآمنوا بالعقول والهواء ، والجاذبية ، والأمواج ، بعد أن شاهدوا آثارها ، فعندما عجزت الأبصار عن الرؤية ، لضعفها ، علمت العقول بوجود المؤثر من آثاره المشاهدة . ولو تخلى الكفار عن استكبارهم بأبصارهم الضعيفة ، العاجزة ، التي لا تستطيع أن ترى الهواء الذي يلامسها ، ولا ترى من في خارج المكان ، وتفكروا ، لوجدوا : أنهم وما في الكون ، من أرضه وسمائه ، ليسوا إلا آثاراً ، وآيات بينات تعرفهم بخالقهم سبحانه . إن البصر الضعيف ، لا يستطيع أن يحيط برؤية النجوم ، وهي : (زينة السماء الدنيا) فكيف يستطيع أن يحيط بالذي على العرش استوى ، (وما السموات السبع بالنسبة لكرسيه ؛ إلا كسبعة دراهم في ترس((10)) ، وما الكرسي بالنسبة للعرش إلا كحلقة في صحراء)(11) . وإذا كان بصر الإنسان في هذه الدنيا لا يحتمل النظر إلى الشمس مباشرة، فكيف يتحمل النظر إلى الله جل وعلا؟! ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (الشورى: 11). وقديماً طلب موسى عليه السلام رؤية ربه ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا﴾ (الأعراف : 143) . والناس جميعاً بما فيهم الكفار يصدقون الأطباء ، والخبراء ، والأساتذة ، وهم يخبرونهم بأمور ما شاهدتها أبصارهم ، ذلك لأن المخبرين أهل ثقة عند السامعين. ولو ترك الكافرون الاستكبار ، لعرفوا ربهم أيضاً ، عن طريق رسله الصادقين ، الذين قدموا من المعجزات ، والبينات ما يجعلهم أوثق أهل الأرض، فيما يقولون عن ربهم .
اشتراط الإجابة : وهناك من يشترط لإيمانه بالله ، أن يستجيب الله لما يقترحه من مقترحات ، كأن يقول أحدهم : إذا أراد الله أن أؤمن به؛ فعليه أن يفعل كذا ، وكذا .. وهذا شبيه بقول الكافرين ، كما حكى عنهم القرآن : ﴿ وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا(90)أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا(91)أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا ﴾ (الإسراء: 90-92) . ولو جعل الله الطريق إلى الإيمان , هو : أن يستجيب سبحانه لمقترحات الناس؛ لوجدنا من يشترط لإيمانه أن يجعل الله الليل نهاراً ، والشمس قمراً ، والأرض سماء، والرجال نساءً ، ونجد غيره يشترط عكس ذلك؟ وثالثاً يشترط لإيمانه ، قتل فلان من الناس ، وموت فلان ، وهلاك البلدة الفلانية!! ورابعاً بعكسه!! وعندئذ تفسد الأرض ، والسماء ، قال تعالى : ﴿وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ (المؤمنون:71) . لقد أقام الله الدلائل الكافية في مخلوقاته ، وخلق لنا أسماعاً ، وأبصاراً ، وأفئدة نعرف بها تلك الدلائل ، وبهذا تقوم الحجة وتسقط الشبهات .
معرفة الله بأسمائه وصفاته
ـ أهمية معرفة الأسماء والصفات : إذا قيل لك : إن فلاناً من الناس كريم ، وإن من صفاته أنه : يعطي من طلبه ؛ فأنت عندئذ ستطمع في عطائه ، وتقدره في نفسك، وتنتفع بمعرفتك لهذه الصفة عند حاجتك ، والعكس لو علمت أنه بخيل . وإذا قيل لك : إن الحكومة عادلة في أحكامها ، تهتم بمن يسكن داخل بلادها ، وتعاقب من يخالف نظامها ، فسترى الناس يسلكون داخل تلك الدولة بما يجعلهم ينتفعون بما تمنحه الدولة من خدمات ، وبما تتصف به من صفات العدل ، واحترام النظام ، وترى الناس يحبون تلك الحكومة بقدر ما تمتاز به من صفات الخير ، كما تراهم يحرصون على أن لا يعرضوا أنفسهم للعقاب والتأديب . "ولله المثل الأعلى" . فمن يعرف صفات ربه سبحانه وأسماءه الحسنى تتسع دائرة معرفته بمن بيده ملكوت السماوات والأرض ، فترى سلوكه وسعيه متناسباً مع علمه بأسماء الله وصفاته ، أما الذين كفروا فيقول عنهم الله تعالى: ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾((12)) (الحج: 74) . ولقد حذر القرآن من تحريف أسماء الله ، فقال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ((13)) فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأعراف: 180) . كما حذر القرآن من وصف الله بمالا يليق به سبحانه . فقال: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ ( المؤمنون : 91) .
الوحي الطريق الأمثل لمعرفة أسماء الله وصفاته : إن علم الإنسان بمخلوقات الله محدود ، وهو لا يستطيع أن يحيط بالله علماً. فالسماوات السبع بالنسبة للكرسي كسبعة دراهم في ترس ، والكرسي بالنسبة للعرش ، كحلقة رميت في فلاة (صحراء) ، و ﴿ الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى((14)) ﴾ (طه : 5) . وعلمنا لا يكاد يبلغ حدود النجوم التي هي زينة السماء الدنيا، لذلك لا نستطيع أن نحيط بالله علماً ، قال تعالى : ﴿ .. وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ(15) حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ ( البقرة : 255) . فلا نعرف الله حق معرفته ، إلا بتعليم منه ـ سبحانه ـ ، وقد جاءنا من الله البيان ، والعلم ، فعرفنا سبحانه بنفسه وبأسمائه ، وصفاته ، فنقف عندها ونمجده ـ سبحانه ـ بذكرها .
ـ تنزيه الله عن مشابهته للخلق : وعندما يقال : الملك الفلاني كريم ، والبواب الذي معه كريم ، وطفله كريم ، فلا شك أن السامع سيفرق : بين الملك ، وبوابه ، وطفله ، وذلك بالرغم أن الجميع من بني آدم ، فإذا قيل لك : الله كريم ، فلا شك أنك ستعلم أن كرم المولى ـ جل وعلا ـ لا يشابهه شيء من كرم عباده ، المملوكين الضعفاء . وهكذا في كل صفة من صفاته سبحانه ، فعلمه ليس كعلم عباده ، وحكمته ليست كحكمة المخلوقين ، ورحمته بالمؤمنين ، وانتقامه من الكافرين ليس كرحمة وانتقام عباده المخلوقين . كل ذلك وغيره له فيه الكمال الأعلى ، ولا يشبهه فيه أحد، قال تعالى : ﴿ .. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الشورى : 11) فالنقص يلحق غيره وله الكمال الذي يليق به وحده .
الإيمان بأسماء الله وصفاته كما جاءت في الكتاب والسنة
ومن فضل الله علينا أنه سبحانه بعلمه وحكمته ، قد عرفنا بنفسه في كتابه ، وسنة نبيه ، فعرفنا أنه : له الأسماء الحسنى ، وصفات الكمال العليا ، ولا يمكن لأحد أن يصف الله بأحسن وأفضل مما وصف الله به نفسه، كما أنه لا يمكن لأحد من المؤمنين أن ينتقص من صفات الله التي وصف نفسه بها سبحانه .
ـ استحالة إدراك الذات : بالأدلة العقلية والنقلية نعرف أن نعرف أن الله غير مخلوقاته ، فلا بد أن تكون صفاته مختلفة عن صفات مخلوقاته ، فكل المخلوقات ناقصة الصفات، وهو سبحانه ، صاحب الكمال . ولقد جاءنا منه الوصف والبيان ، فنؤمن به كما وصف نفسه في كتابه العزيز وكما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم دون سؤال عن حقيقة الذات، قال تعالى : ﴿ .. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الشورى: 11) ، فهو سميع ، وهو بصير ولكن سمعه ليس كسمع مخلوقاته ، وبصره ليس كبصر مخلوقاته ، ولا نستطيع الإحاطة به ، وهو الكبير المتعال .
ـ العقل والتصور : ولقد خلق الله للإنسان عقلاً يعقل به الحقائق ، ويعرف به الحق من الباطل، والضار من النافع ، وجعله عماد التكليف ، فمن فقد عقله رفع عنه القلم ، وجعل الله للعقل طاقات واسعة . وخلق الله للإنسان قوة يتصور بها الأشياء ، تعينه على تنظيم الأمور وتخيلها ، ولكن قوة التصور ضعيفة ، ومحدودة ، فإذا وصفت لك مدينة ، عقلت أن فيها أشياء ، وتصورت تلك الأشياء ، ولكنك إذا رأيت تلك المدينة ستجد أنها على غير الصورة التي تصورتها من قبل . وإذا طرق شخص الباب استطعت أن تعقل أن طارقاً يطرق الباب ، ولكن تصورك يعجز أن يتصور ؛ من الطارق حقيقة؟ وما طوله؟ وما عرضه؟ وما لونه؟ وما حجمه؟ .. فقوة العقل اخترقت حاجز الباب ، فعقلت أن طارقاً موجود يطرق الباب فقط ، بينما عجزت قوة التصور ، وحبسها حاجز الباب أن تنفذ . "ولله المثل الأعلى " . فالعقل يؤمن بالله ، وقوة التصور تعجز عن إدراك الله سبحانه : ﴿ .. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ (الشورى: 11) . | |
|