محرمات استهان بها كثير من الناس
للأسف منذ زمن ليس ببعيد و حتى وقتنا هذا يقع كثير من الناس فى محرمات كثيرة مستهينين بها غير مدركين ما بها من محارم عظيمة وما تؤدى اليه من سخط من قبل الله سبحانه وتعالى ، وللأسف عندما تحدِّث أحدهم بها وقد إمتلأت حياته بتلك الحرمات يكون رده عليك بأنكم لم تتركوا شيئا إلا وحرمتوه ، وكل شىء منعتوه ثم يلجأون بعد ذلك إلى مقولتهم التى يظنونها تحمل عنهم أوزارهم وهى ( الدين يسر وليس عسر ) ، فعلا الدين يسرا وليس عسرا ولكنه يسرا فى ما حلل الله ولا نستخدم يسره فى معصيته فالرسول صلى الله عليه و سلم لم يخير بين أمرين إلا و اختار ايسرهما ما لم يكن إثما .
وكما ذكرنا فالدين يسر فى الرخص الشرعية التى بينها لنا الله و رسوله كصلاة القصر والجمع للمسافر ونظر الرجل للأجنبية يريد أن ينكحها و أكل الميتة لشديد الحاجة وغيرها الكثير من التيسيرات فى الدين الإسلامى ولكنها لم تخرج عن نطاق الشرع ويجب علينا أن ألا نستغلها ككلمة حق نريد بها الباطل .
الشرك بالله/يقول رب العزة { إن الشرك لظلم عظيم } يصف الرحمن فى تلك الآية الشرك بأنه الظلم العظيم وذلك لأن الله هو الذى يرزق وهو الذى يحيى و يميت ، بيده كل شىء وأمره بين الكاف والنون ثم يأتى الإنسان بعد ذلك ويجحد فضله بأن يجعل له ندا ويشركه فى عبادته بدعوى التقرب إليه أو قد يذهب بالفضل كله الى غيره ، والله يغفر جميع الذنوب إلا أن يشرك به كما جاء فى قوله { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما } ، وكذلك فإن الشرك من أكبر الكبائر حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( ألا أنبأكم بأكبر الكبائر ( ثلاثا ) قلنا بلى يا رسول الله ، قال :- الشرك بالله .......... ))
ولو أننا تحدثنا عن الشرك سنجد أن الشرك نوعان :-
1 – شرك مخرج من الملة :- وهو ثلاثا
1) شرك ربوبية
2) شرك ألوهية
3) شرك أسماء وصفات
وجميعها مخرج من الملة وهو شرك أكبر أو أعظم
2 – شرك غير مخرج من الملة :- كالرياء ، الحلف بغير الله و أن تقول ( أعتمد على الله وعليك ) ..... إلخ .
تلك التقسمية السابقة قد لا يفهما الكثيرون ولا أحبذ أن أتحدث عن الشرك بتلك الطريقة و إنما أردت أن أبين عادات فى حياتنا اليومية هى من الشرك ولكن للأسف لا يدركها الكثيرمن العامة فيؤدى ذلك بهم إلى الشرك دون دراية فتحبط أعمالهم ، وسأذكر تلك المحرمات فى نقاط سريعة حتى لا أطيل عيكم .
1) عبادة القبور :- ويندرك تحتها النذر لغير الله من الأولياء والأنبياء ودعاء الموتى و الإستغاثة بهم عند الكرب والخوف والإستنجاد بهم عند المصائب ، والبعض ينادى عن الحاجة يا " بدوى " يا " سيدة زينب " وللأسف نسوا قوله تعالى { ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيبون لهم الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون } ، والشرك هنا يأتى فى كونهم يعتقدون أن هؤلاء الراقدون فى قبورهم يتصرفون فى الكون و يملكون القدرة على تخفيف الكرب والشفاء وغيرها من الأمور التى أختص بها نفسه دون غيرة .
2) الذبح لغير الله :- يقول رب العزة { فصل لربك و أنحر } فأمر النحر هنا مقرون بالصلاه و هو لله سبحانه و تعالى دون غير وقد حرم الله أكل ما ذبح لغير الله كما حرم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه ، وقد قال رسولنا الكريم (( لعن الله من ذبح لغير الله )) رواه مسلم . ومن أمثلة الذبح لغير الله ذبيحة الجن حيث أنه عندما يشترى أحدهم بيتا أو عقارا أو يحفر بئرا يقوم بذبح ذبيحة على عتبته تجنباً من أن يؤذيه الجن وهو شرك أيضا .
3) الإحتكام إلى العرف :- ومازالت تلك العادة موجودة الى يومنا هذا فى ما يسمى ( قعدة عرب ) ويتم التحاكم فيها بالعرف والتقاليد دون الإعتراف بشريعة الله وقد قال رب العزة { اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله } ، والشرك هنا يأتى فى تحريم ما يحل الله أو العكس طبقا للتقاليد و العرف .
4) السحر والذهاب إلى الكهنة والعرافين :- مما ورد عن سيد الخلق كلهم أن السحر من السبع الموبقا ، وقد قال أيضا (( لا يفلح الساحر حيث أتى )) وكذلك الذهاب الى الدجالين و الكهنة فهو كفر بما أنزل على محمد ، وكذلك لا يقبل منه صلاة أربعين ليلة فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم (( من أتى عرافا فسأله عن شىء لم تقبل منه صلاة أرعين ليلة )) رواه مسلم . والشرك هنا يأتى فى الإعتقاد بأن السحرة و الكهنة يعلمون الغيب وأنهم ينفعون ويضرون من دون الله ومن هنا فقد أشركوا غير الله فى صفاته التى قد اختص بها نفسه .
5) الإعتقاد فى تأثير النجوم و الكواكب :- فعن زيد بن خالد الجهنى قال (( صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبح فى الحديبية – على أثر سماء كانت فى الليلة – فلما أنصرف أقبل على الناس فقال : " أتدرون ماذا يقول ربكم ؟ " قالوا " الله و رسوله أعلم " قال " يقول أصبح من عبادى مؤمن بى وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله فهو مؤمن بى و كافر بالكوكب وأما من قال بنوء كذا و كذا فهو كافر بى و مؤمن بالكوكب )) ، وكثيرا ما نرى فى يومنا هذا أناس يشترون الجرائد ليعلموا حظهم اليوم فإن كانوا يؤمنون بما بها فقد كفروا وإن كانوا يقرأونها لمجرد التسلية فهى معصية لله فلا تسلية فى سبب من مسببات الشرك بالله .
6) تعليق التمائم و الإعتقاد بها :- كثير من الناس يلقون التمائم أو يلبسون " الحظاظات " على أنها تجلب الحظ لصاحبها وغيرها الكثير مثل الخرزة الزرقاء و " الحجاب " وفاعل ذلك إن كان يعتقد انها تنفع وتضر من دون الله فقد أشرك شرك أكبر مخرج من الملة وان كان إعتقادا منه أنها وسيلة ليس أكثر فهو شرك أصغر .
7) الرياء :- والرياء صفة من صفات المنافقين كما ذكرهم عز وجل فى كتابه { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم و إذا قاموا للصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا } ، ويقول رب العزة فى الحديث القدسى (( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى تركته و شركه )) ، فإذا ابتدء أحدهم عملا لله ثم تطرق اليه الرياء فجاهد نفسه و جدد نيته صح عمله وان مال الى الرياء وتمادى فيه حبط عمله .
8) الطيرة :- وتعنى التشاؤم وقد قال سيد الخلق (( الطيرة شرك )) ، حيث يتشائم الفرد من رقم معين كالرقم (13) أو يوم معين كآخر أربعاء من كل شهر ، أو لون أو حيوان .... إلخ ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من ردته طيرة من حاجة فقد أشرك ، قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك ؟ قال : أن يقول أحدهم " اللهم لا خير الا خيرك ولا طير الا طيرك و لا إله غيرك " )) رواه أحمد . و التشاؤم من طبائع النفوس تُزال بالتوكل على الله حق توكله .
9) الحلف بغير :- كأن يحلف الواحد منا بالنعمة ، الكعبة ، برحمة فلان وببركة فلان ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من حلف بغير الله فقد أشرك )) رواه أحمد . وكذلك قال (( من حلف بالأمانة فليس منا )) رواه أبو داوود
10) هناك بعض الألفاظ التى تخالف التوحيد كأن تقول " أعتمد على الله وعليك " وأن تقول " البركه فى ربنا وفيك " ، وكذلك بعض المصطلحات الأخرى كالديمقراطية و الإشتراكية و الرأس مالية التى تخالف التوحيد .
أخيرا أود أن اقول كلمة بسيطة ، عالم التدوين يملأه الطبقة ذات الفكر ، الطبقة المثقفة وقد يكون كل ما ذكرت بالأعلى ليس بالجديد عليهم ولكنها ليست سوى تذكرة (( عرفت فألزم )) وبما أننا خُلقنا حتى نكون عبادا لله وبما أن النهى عن المنكر والأمر بالمعروف ركن من أركان العباده لله فعلينا أن نذكِّر كل من نراه يتمادى فى تلك الأخطاء حتى لا نأثم بتركه .