من خلف قضبان الأسر والقهر والظلم والمعاناة، من خلف الأسلاك الشائكة والجدران العالية، ومن قلب زنزانتي التي أعشقها رغم رطوبتها وظلامها وأقفالها وحديدها وأغلالها لأنها جزء لا يتجزأ من فلسطين التاريخية، أتقدم إليك أخي الحر الطليق سمير القنطار بأسمى آيات التهاني والتبريك لانتزاعك قيودك من معصميك رغماً عن أنف سجانيك الذين ما انفكوا بإرادتهم المهزومة والمقهورة في أن تقضي حتى آخر يوم من عمرك في زنازينهم..
مبروك وهنيئاً لك أخي سمير القنطار، أبا ماجد، وأنت تعانق الحرية والهواء الطلق بينما كان سجانيك يعانقون الخيبة والفشل والذل.
أخي سمير القنطار.. مبروك لك ولذويك الذين صبروا وعانوا وقدموا وضحوا من أجل فلسطين فقد زرعوا المقاومة وحصدوا الحرية والتحرير.. هنيئاً للحركة الأسيرة من فلسطينيين وعرب أسرى، على تحررك وتحطيمك لقيودك، فقد غمرتنا السعادة وتجدد الأمل فينا حينما رأيناك حراً طليقاً وسعيداً وأنت تعبر حدود سايكس بيكو الوهمية من فلسطين إلى لبنان..
لقد كنت مناضلاً ومقاوماً من أجل فلسطين بامتياز حين قدت مجموعتك المقاومة بقاربك المطاطي من بيروت إلى نهاريا من أجل فلسطين وشعب فلسطين.. لقد قضيت ثلثي عمرك في النضال لفلسطين بعزة وكرامة، ثلاثون عاماً وأنت صامد شامخ تدافع عن الكرامة حتى أنك رفضت آخر خمس دقائق لك في السجن أن تقضيهم دون كرامة فرفضت ارتداء الثياب التي عرضتها عليك إدارة السجن والتي لا يقبل أن يرتديها مهرجي السيرك.
هنيئاً لشعبنا الفلسطيني بتحررك أنت ورفاقك المقاومين الأربعة فنبارك لكم ولعائلاتكم من أعماق القلب، كيف لا والشعب الفلسطيني يحفظ وصيتك قبل خروجك لعملية الناصر في 20/4/1979 عن ظهر قلب والتي جاء فيها:
"إلى كل أصدقائي في التنظيم، إلى كل أصدقائي في التنظيمات الفلسطينية، أنا اليوم أفتدي نفسي من أجل فلسطين، أنا اليوم أودعكم. وصيتي أن تكون عمليتي هذه بداية لتصعيد النضال من أجل شعبنا وحريته، نحن دعاة سلام وهذه هي الطريقة التي نؤمن بها لتحقيقه، أنا في طريقي من لبنان إلى فلسطين من أجل أمهات فلسطين ، من أجل سعادتهم ومستقبلهم، أنا في طريقي من أجل كل أب فلسطيني، وأنا بعملي هذا أستطيع أن أقدم الدعم لعودة الفلسطينيين في المستقبل إلى فلسطين، من أجل أن تحيى كل عائلة فلسطينية وتربي أولادها في سلام واستقرار".
وكأسير من أسرى الحرية البواسل أرفع أسمى آيات التهاني والتبريك على هذا الإنجاز العظيم للأخوة في المقاومة الإسلامية وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله "أبو هادي" صاحب الإمتياز الأول في عملية "الوعد الصادق" والتي تكللت بأكاليل النصر المؤزر والغار وبالعز والفخر فتمخض عنها بعد سنتين وأربعة أيام "عملية الرضوان" عملية التحرير والإنعتاق من القيود، والتي أحدثت عرساً وطنياً في قلاع الأسر وفي فلسطين ولبنان ولدى كل أحرار العالم وشرفائه كما كشفت عن هشاشة ذلك العدو الغاشم وعن ضعفه وذله وخضوعه وخنوعه لمطالب المقاومة كما أثبتت عملية الرضوان أن هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة وأن عملية الرضوان ومثيلاتها هي الطريق الوحيد لتحرير أسرانا البواسل.
ومسك الختام أهنيء أمنا أم الأسرى جميعاً والأم البديلة لـ "سمير القنطار" هذه الأم الحانية والصامدة والصابرة "أم جبر وشاح" لتبنيها ولمدة (15) عاماً للأخ سمير القنطار، وهنيئاً لشعبنا الفلسطيني على تحرير المقاومة لجثامين شهداء الثورة الفلسطينية وعلى رأسهم جثمان الشهيدة دلال المغربي الطاهر، بطلة عملية الساحل في 11/3/1978 من مقابر الأرقام كي يتم مواراتها التراب بعزة وكرامة في أرض الله الواسعة.