الرساله الاسبوعيه السادسه عشره لجامع

بسم الله الرحمن الرحيم

الرسالة السادسة عشرة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المجاهدين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .. وبعد :



أميركا وإيران ومعسكر أشرف

إن المتتبع للسياسة الأميركية على مر السنين يلاحظ فيها الأمور الآتية :

1. إنها نفعية بامتياز ومصلحية إلى درجة لا تصدق ، وأن كل العلاقات السياسية قائمة على هذه المصالح ، وكذب كل السياسيين عندهم حين أدعو أنهم يتصرفون بوحي القيم الأميركية في نشر الحرية والديمقراطية ، وأفعالهم مع بقية الدول تؤشر عكس ذلك .

2. انتهاك كل القوانين والأعراف الدولية وعدم الإعتراف بها أو التقيد بقراراتها حينما تتعارض مع المصالح الأميركية ، ولذلك نجد أن كبرى الجامعات الأميركية لا تـُدرس في أقسام العلوم السياسية فيها مادة القانون الدولي ، إنما تستبدلها بمادة العلاقات الدولية ، وهو مؤشر على رفض ما هو غير أميركي على أعلى مستوى في المجتمع وهي الطبقة المهنية والمثقفة في الجامعات .

وتاريخ أميركا في انتهاك القوانين الدولية لا يُعد ولا يحصى ، وقد مارست هذه الانتهاكات خلال غزو البلاد الأخرى وتدمير بنيتها التحتية وعوامل النهوض فيها ، وفي الدول التي لم تستطع غزوها لسبب من الأسباب قامت بتأليب المعارضة المرتبطة معها ضد حكوماتها ، ودعمتها بالمال والسلاح لتخريب الوضع في تلك البلاد ، وفي بلاد أخرى حين فشلت في الغزو أو دعم أطراف سياسية فيها : قامت بحصارها اقتصادياً ، حتى فاق عدد الذين ماتوا بأنواع الحصار هذه أعداد الذين قتلوا نتيجة حروبها .

3. من السهل على أميركا التخلي عن أصدقائها أو من تستخدمهم في مشاريعها السياسية أو من يمكن أن يكونوا ورقة رابحة بيدها ضد دولة من الدول ، وتأريخها في ذلك معروف ومشهور ، فلقد تخلت ببساطة عن شاه إيران يوم أن كان أكبر حلفائها في الشرق ، وتخلت عن حكام في أفريقيا كحاكم زائير ، وتخلت عن حكام في آسيا كمُشرف ، وتتخلى عن أخرى الآن وفي المستقبل .. وها هي اليوم تتخلى عن أناس عزل وقعوا بين المطرقة والسندان في ( مُعسكر أشرف ) ، مما يؤشر على المستوى الأخلاقي المتدني الذي وصلت إليه هذه الدولة .

إن مسؤولية هؤلاء بعد أن تخلت القوة ( الأعظم ) عنهم يجب أن يكون بيد الأمم المتحدة لأنهم موجودون هناك بموجب المادة 27 من إتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 ، ولذلك فإن موقف منظمة العفو الدولية من تحذير الولايات المتحدة وحكومة المالكي من المساس بأمن هذا المعسكر والقاطنين فيه كان صحيحاً ومنسجماً مع قانون حماية اللاجئين الإنساني .

وهنا لابد من تحليل هذا الموقف من قبل قوات الاحتلال فنقول : إن موضوع ( معسكر أشرف ) كان ولا يزال من الهم الإيراني الكبير ، وربما كان هذا الموقف الأميركي ثمن صفقة مع إيران كي تضغط على حلفائها في العراق بقبول الاتفاقية الأمنية ..

يظن كثير من الناس إن الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن يقطع حبل الود بينهما ، وهذا خطأ ، وفي الحقيقة إن حرص الولايات المتحدة على مصالح إيران في المنطقة مثل حرصها على مصالح أي دولة عميلة لها وذلك لتناغم القاعدة الفكرية للمسيحية المتصهينة في الولايات المتحدة مع القاعدة الفكرية للطائفية الصفوية القائمة على أساس إرتقاء العنصر الفارسي في هذه الدولة العقائدية .

إننا نشعر أن الخلاف الظاهري بين إيران والولايات المتحدة بسبب القضية النووية فقط ومن ورائها الحرص على التفوق " الإسرائيلي " في المنطقة ، وإن نجاح إيران في ذلك سيؤدي إلى مطالبة دول أخرى بنفس الحق كتركيا ومصر وهما دولتان كبيرتان في المنطقة ولهما الأثر الكبير والصادق على أمن " إسرائيل " ، وماعدا ذلك فلا وجود لخلاف ، بل هناك تفاهم كامل على تبادل المصالح في المنطقة اعترافاً من الأميركان بالدور الأمني لإيران في المنطقة عبر محاربة ( المد الأصولي السني )كما تسميه الولايات المتحدة ، وفي إعتقادهم أن من ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها ليس المد الأصولي المستمد دعمه من إيران إنما هي الأصولية السنية ، وبالتالي يجب حربها بإعطاء الفرصة لإيران بأن تتمدد أمنياً في المنطقة ، وغزو العراق كان أول الغيث ، وهناك شعور من البعض أن أي حرب مفتعلة مع إيران ستؤدي بالنتيجة إلى سيطرة إيرانية على كل الخليج وتضع السعودية بين فكي كماشة .

نرجو مُخلصين أن ينتبه الجميع إلى هذا الخطر الداهم ، وأن النار المضرمة لن تقتصر على العراق فحسب ، بل ستمتد إلى كل مكان ، وستكون إيران هي الرابح الأكبر ، حينها لن ينفع قولنا ( اُكلنا يوم أكل الثور الأبيض ) .

حكومة المالكي والكرد

ينسى العميل وهو في غمرة نشوته في تحقيق المكاسب أنه ليس إلا ذبابة في نظر المحتل ينفخ عليها حين تنتهي مهمتها ، وهذا ما يحصل من قبل المالكي حيث نسي أنه دمية وضعت لكي تؤدي دوراً معيناً ، فلا يذهب بعيداً في تصوره أن بإمكانه الهيمنة على الساحة لوحده ، وقد افتعل أزمة ليختبر بها قوته المستمدة من دعم المحتل ، فوقف أمام موضوع ( خانقين ) وكأنه يدافع عن تراب العراق أن يدنسه المحتل !! وإذا عدنا إلى السبب الرئيس في ذلك وجدنا أن إيران هي الأساس ، وأن السياسة الإيرانية في تأمين حدودها من جهة الغرب - وخاصة في ديالى - لها الأولوية الأولى ، ولا يمكن أن تقبل إيران أن يكون للكرد وجود عسكري خارج حدود الإقليم ، فالقضية إيرانية إذن لأن السيطرة على محور ديالى - خانقين يفتح الطريق أمام إيران للوصول دون عوائق إلى بغداد ، وإلا فإن التمدد الكردي في الموصل ليس ببعيد ، وقد عاث البيشمركة بمناطق الموصل فساداً وشاركوا في مجاميع القتل وكان لهم دوراً سيئاً في ذلك ، فلم لم تأخذ هذه القضية مثل هذا المدى من الخلاف ؟!

أما الجانب الكردي فقد فرح لهذه السنوات الخمس وحاول إستغلالها بما يؤدي إلى تمددهم خارج مناطقهم ، واعتبروا أن انشغال الجميع فرصة لقضم ما يمكن قضمه من مناطق العراق ، ليكون سبباً منطقياً بعد ذلك بالانفصال باعتبار المقومات التي يحصل عليها الإقليم في حالة حصوله على هذه المناطق ، ونسي هؤلاء أن اعتمادهم على الدعم الأميركي هو اعتماد على من لا يملك عهداً ولا خلقاً يجعله يفي لعملائه بالعهود ، فلقد وقف الأميركان من قضية كركوك موقف المتفرج بعد أن شجعوا الكرد على إثارة معركة كركوك ، كل ذلك ليصل العراقيون إلى قناعة : أنه لا ملجأ في حل إشكالاتهم وخلافاتهم بغير الرجوع إلى المحتل ، فهو أصل الداء والدواء !!

وهنا نقول : أننا أمام إحتلالين يجب التحوط منهما وعدم الثقة بهما واعتبار الصحيح هو خلاف ما نطقوا به وهما : الاحتلال الأميركي ، وصنوه الاحتلال الإيراني ، الذي أثبت بما لا يقبل الشك أنه أشد على العراقيين من أنواع البلاء التي تصيبهم ، وأول الحل هو الوعي بهذه الحقيقة والتعامل على أساسها ، والأيام دُول ، وقدر الله يأتي بالمدافعة ، وليس التخاذل والسكوت .

مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووور

بارك الله فيك

وجزاك الله كل خير

بارك الله فيك